تظل الديول المحضرة في المنازل التي تعد مقبلا لا تخلو منه موائد الإفطار طيلة شهر رمضان الكريم تقاوم أمام منافسة الوحدات الصناعية التي تقوم بإعدادها وتتزايد أعدادها يوما بعد يوم. هذا الواقع وقف عليه محمد الشاب القسنطيني البائع الدائم للديول في السوق الشعبي ففي كل صباح يتخذ محمد مكانا له مثلما تقتضيه الطقوس المتداولة بهذا السوق المغطى لبيع الـ 3000 ورقة ديول (3 أكوام في كل واحدة منها 1000 ورقة خطفة) التي تقوم بإعدادها له يوميا نساء من الأسرة.واستنادا لهذا البائع لا تزال الديول التقليدية تحجز مكانها لدى مستهلكيها الأوفياء منذ عدة سنوات وهو ما يفرض علينا مواجهة منافسة الخطفة الصناعية من خلال تقديم منتج جيد يكون في مستوى تطلعات المواطنين . ويعترف ذات المتحدث بأنه كلما حل شهر رمضان تمتلئ الأسواق بمختلف علامات الديول الصناعية مما يجعل المنافسة بالضرورة صعبة معتبرا أنه حتى وإن استقطبت الديول الصناعية عديد المستهلكين يستمر المنتج الحرفي التقليدي في المقاومة لاسيما بفضل سعره الجذاب المقدر بـ 70 دج لـ 12 ورقة ديول.
أسعار تتحدى أي منافسة
وتظل السويقة ذلك الحي العريق بقسنطينة العتيقة وملتقى تجار مختلف الأطباق التقليدية المتنوعة دون شك الممر الذي لا مفر منه بالنسبة لعديد المواطنين الباحثين عن الروائح الأصيلة ولكن أيضا الأسعار المغرية التي تتحدى أي منافسة.ويزخر هذا المكان المميز بالمدينة العتيقة بجميع أنواع الأطباق التقليدية اللذيذة المعروضة بأسعار في متناول الأسر ذات الدخل المتواضع والتي من بينها الخطفة المحضرة في المنزل والحاضرة بقوة بفضل تواجد عديد الباعة الذين يعرضونها بمبلغ 60 دج على عكس بعض الأحياء المجاورة حيت تباع نفس الكمية بمبلغ 80 دج.وتعد الحاجة مري واحدة من المواطنين الذين يقصدون أزقة السويقة يوميا من أجل اقتناء مستلزماتها حيث قالت بأنها تشتري الديول المحضرة في المنزل حتى إن كان بعض أبنائها يفضلون البوراك المحضر بالديول الصناعية.وأضافت منذ سنوات عديدة وأنا أقوم بانتظام بشراء الديول المنزلية خلال أو خارج شهر رمضان ليس فقط بسبب مذاقها وسعرها 60 دج ولكن أيضا لأنني أعرف أن أوراق البريك تشكل مصدر رزق لعديد العائلات التي تقوم النساء والبنات بتحضيرها لساعات طويلة.وحسب رأي عديد المواطنين فإنه من أجل الحفاظ على هذا النشاط التقليدي تظل النوعية والسعر المقترحين العنصرين المهمين لضمان وفاء الزبائن ولكن أيضا مواجهة منتجي الخطفة الصناعية الذين يزداد حجم استثمارهم في هذا المجال يوما بعد يوم.
إعادة تثمين النشاط التقليدي
وتحصي قسنطينة حاليا 6 وحدات صناعية لصنع الخطفة “الديول” الصناعية منها وحدتان تم إنشاؤهما مؤخرا متواجدتان بكل من عاصمة الولاية والخروب وحامة بوزيان حسب ما أكده عبد الغني بونعاس رئيس مصلحة حماية المستهلك وقمع الغش بالمديرية المحلية للتجارة.كما أوضح ذات المسؤول بأن هذه الوحدات الصناعية تخضع لعمليات تفتيش دورية من قبل مصالح مديرية التجارة مفيدا بأنه لم يتم لحد الساعة تسجيل أي مخالفة للتنظيم في مجال الجودة.وتلقى الديول الصناعية التي تباع بمبلغ 80 دج والمتوفرة في عديد المحلات التجارية الخاصة ببيع المواد الغذائية العامة والقصابات وكذا مربعات بيع الخضر والفواكه ومنتجات الألبان رواجا أيضا لدى محبيها مثلما هو الشأن بالنسبة للخطفة المنزلية وبقية المنتجات الغذائية التقليدية على غرار الكسرة.وتستقطب الكسرة من جهتها عديد المستهلكين لاسيما خلال شهر رمضان المبارك حيث يتم عرضها بمحلات بيع المواد الغذائية العامة أو حتى في محلات مخصصة لها.وأضحت الكسرة التي يتراوح سعر بيعها بين 60 و80 دج رقيقة أو بالخميرة تجذب زبائن كثر لاسيما بعد إبرام اتفاقيات بين عديد التجار وربات البيوت اللواتي يزودونهم بانتظام بها في الصباح وفي فترة ما بعد الظهر.وفي هذا السياق سجلت غرفة الصناعة التقليدية والحرف لقسنطينة انتساب العديد من الحرفيين الذين يعملون في المنزل متخصصين في تحضير الأطباق التقليدية على غرار الشخشوخة والتريدة والبراج والكسرة والرفيس والخطفة حسب ما علم من هذه الغرفة.ويتم تسجيل انتساب هؤلاء الحرفيين إلى الغرفة بعد خضوعهم لاختبار تأهيلي بسيط يسمح لهم فيما بعد بالحصول على بطاقة حرفي من أجل إنشاء ورشاتهم أو مؤسساتهم الخاصة وذلك في إطار إعادة تثمين النشاط التقليدي والإنتاج الحرفي.