وعلى سبيل المثال قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أفريل الماضي بأن سياسات المناخ الضعيفة في سويسرا تهدد حقوق الإنسان لمواطنيها ما مهد الطريق لدعاوى قضائية مماثلة فيما يقرب من 50 دولة أخرى.
وحديثا دعمت المحكمة العليا في مونتانا بالولايات المتحدة 16 ناشطا من نشطاء المناخ الشباب في دعواهم القضائية ضد الدولة لانتهاك حقهم في بيئة نظيفة.ولكن كانت هناك أيضاً بعض الخسائر الكبيرة مثل جهود شركة شل الناجحة للتملص من قاعدة تلزمها بخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.ماذا سيجلب عام 2025؟ فيما يلي حفنة من القضايا المهمة التي قد تكون على جدول الأعمال القضية الأولى قد تشكل قواعد المناخ الدولية. إذ تنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تسمى أحيانا محكمة العالم في قضية المناخ التي قد يكون لها أكبر تأثير محتمل. وفي قلب هذه القضية التاريخية سؤالان رئيسان ما الواجبات التي تقع على عاتق الدول لمكافحة تغير المناخ؟ وما العواقب القانونية التي يجب أن تترتب على الدول إذا خانت هذه الواجبات بطريقة تضر بالمناخ؟ لن يكون رأي المحكمة بشأن هذه القضايا ملزما قانونا ولكنه قد يشكل قواعد القانون الدولي ويمهد الطريق لمقاضاة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات لدورها في تفاقم أزمة المناخ. رفعت القضية دولة فانواتو في المحيط الهادئ وهي أكبر قضية للمحكمة على الإطلاق. وعلى مدى أسبوعين في نهاية 2024 استمعت اللجنة المكونة من 15 عضوا إلى شهادات مما يقرب من 100 دولة والعديد من الخبراء والجماعات المناصرة الذين يجادلون لصالح وضد القواعد الدولية الجديدة لمحاسبة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
الدول الفقيرة تقاضي الغنية
ويدعي عدد من الدول الفقيرة والجزر الصغيرة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي ومع ذلك فإن الدول النامية التي تنتج انبعاثات منخفضة نسبيا هي التي تخضع لأشد العواقب تطرفا وحتى وجودية. وتقول إن إطار تغير المناخ الحالي أي اتفاق باريس-يعتمد على التزامات طوعية يصعب فرضها وأن هناك حاجة إلى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة قانونا لمعالجة التهديد المتزايد المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة. وزعمت الدول الغنية بما في ذلك الدول الملوثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأستراليا العكس من ذلك وأصرت على أن القواعد الحالية كافية. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في 2025. وقال الدكتور دلتا ميرنر العالم الرائد في مركز العلوم لقضايا المناخ في اتحاد العلماء المعنيين إنها المحكمة لديها القدرة على إعادة تشكيل حوكمة المناخ الدولية من خلال تقديم إرشادات واضحة وموثوقة بشأن التزامات الدول بموجب القانون الحالي.
قضية مناهضة للبيئة
القضية الثانية تهدد الاستثمار البيئي والاجتماعي المتوازن والحوكمة. في قضية ولاية تكساس ضد شركة بلاك روك أقامت دعوى قضائية على بعض أكبر مديري الأموال في العالم من قبل 11 ولاية يقودها الجمهوريون بتهمة التآمر لخفض إنتاج الفحم العالمي والترويج لأجندة بيئية مسيسة . تستهدف الدعوى القضائية التي تم رفعها في نوفمبر الماضي شركات الاستثمار بلاك روك وستيت ستريت كوربوريشن و فانغارد غروب ويقودها المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون الذي قال إن الشركات شكلت كارتلا للتلاعب بسوق الفحم وتقليل إمدادات الطاقة بشكل مصطنع ورفع الأسعار كل ذلك في محاولة لتعزيز أهداف خفض انبعاثات الكربون. في الواقع تستهدف القضية ما يسمى استراتيجيات الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة. شاركت المجموعات الاستثمارية الثلاث في مبادرات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي والوصول إلى الصفر الصافي بحلول 2050. وقد وصف المحافظون مثل هذه الجهود بأنها رأسمالية متيقظة وشنوا حربا باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار وهو سلاحهم المفضل. وتتولى محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة التي تضم عددا كبيرا من القضاة الذين عينهم الرئيس الجديد دونالد ترمب النظر في القضية ويُنظر إليها باعتبارها قوة محافظة للغاية. وقد تؤثر النتيجة على كيفية إدارة الأموال ومستقبل الاستثمار المراعي للمناخ.
ضد مرافق تجهيز الطاقة
القضية الثالثة قد تكلف مزودي الطاقة الكثير من المال. إذ تتولى بلدة كاربورو الصغيرة في ولاية كارولينا الشمالية دعوى قضائية ضد شركة ديوك إنرجي حيث تقاضي الشركة بتهمة إخفاء المخاطر المناخية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري عن صناع السياسات والجمهور. وتقول الدعوى لقد أدت حملة الخداع التي شنتها ديوك إلى تأخير التحول الحاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري وبالتالي تفاقم أزمة المناخ بشكل ملموس.إن قضية بلدة كاربورو ضد شركة ديوك إنرج مثيرة للاهتمام لأنها تستهدف شركة مرافق بدلا من شركة نفط حيث يتزايد الضغط على شركات المرافق لتتولى زمام المبادرة في التحول في مجال الطاقة.لا تهدف كاربورو إلى الحد من انبعاثات ديوك رغم أن هذا سيكون ممتازا أيضا إذ ووفقا لمؤشر التلوث المسبب للاحتباس الحراري تحتل ديوك المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الشركات المسببة للانبعاثات في أميركا.ويؤدي تحميل الشركة المسؤولية إلى الحصول على تعويض للمساعدة في دفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ مثل إصلاحات البنية التحتية وتحسيناتها لجعل المدينة أكثر قابلية للسكن ومرونة في مواجهة الطقس القاسي. لا أحد يعرف كم ستدفع شركة ديوك لكن نحن نعلم أن المدينة قد تحصل على ما يصل إلى 60 مليون دولار كتعويضات في السنوات المقبلة كما قالت رئيسة بلدية كاربورو باربرا فوشي. وكانت الدعاوى القضائية التي تستند إلى مطالبات مماثلة تتزايد منذ 2017 لكن لم يتم تقديم أي منها للمحاكمة بعد.
مشاريع السكك الحديدية
القضية الرابعة مهددة للبيئة إذ قد تسهل الحصول على موافقة لإنشاء بنية تحتية كارثية من الناحية البيئية.كانت المحكمة العليا تستمع إلى حجج حول ما إذا كان خط السكة الحديد المقترح بطول 88 ميلا في ولاية يوتا الأميركية يمكن أن يمضي قدما رغم تأثيراته البيئية المحتملة.سينقل خط القطار هذا كميات كبيرة من النفط إلى ساحل الخليج لكن بناءه كان معلقا منذ أن قالت محكمة الاستئناف في الأساس إن الجهات التنظيمية لم تأخذ في الاعتبار التأثيرات المناخية والبيئية للمشروع في المنبع أو في المصب الناجمة عن زيادة حركة السكك الحديدية جوانب مثل الانسكابات النفطية المحتملة وخروج القطارات عن مسارها وحرائق الغابات.وبموجب قانون السياسة البيئية الوطنية القائم منذ فترة طويلة يتعين على الوكالات الفيدرالية إجراء تقييمات بيئية لمشاريع البنية التحتية مثل هذه ولكن قد تقرر المحكمة العليا أن التأثيرات البيئية المباشرة للمشروع نفسه فقط في هذه الحالة جوانب مثل استخدام الأراضي وجودة المياه يجب أن تؤخذ في الاعتبار للموافقة على المشروع.
تهديد معايير الهواء النقي
القضية الخامسة هي القرار الذي قد يضع معايير الهواء النظيف في كاليفورنيا في مرمى النيران. إذ ستدرس المحكمة العليا ما إذا كانت مجموعات الأعمال شركات الوقود الأحفوري يمكنها الطعن في برنامج الإعفاء الذي يسمح لكاليفورنيا بوضع قواعدها الخاصة بشأن انبعاثات المركبات.وقد سمح الإعفاء الذي منحته وكالة حماية البيئة للولاية بوضع قواعد لعوادم السيارات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الحكومة الفيدرالية ما أدى إلى تحسين جودة الهواء. كما تلتزم نحو اثنتي عشرة ولاية أخرى بمعايير كاليفورنيا وكذلك تفعل حفنة من شركات تصنيع السيارات الكبرى، ما يجعل الإعفاء أداة قوية في كبح التلوث الضار ودفع شركات السيارات إلى التحول نحو المركبات الكهربائية. وتزعم مجموعات صناعة الوقود الأحفوري أن القواعد تسببت في ضرر لها ويجب إلغاء الإعفاء. ولكن في هذه الحالة بالذات ستقرر المحكمة العليا فقط ما إذا كانت هذه المجموعات تتمتع بالوضع القانوني لتحدي الإعفاء. وفي كلتا الحالتين تعهد الرئيس المنتخب ترمب بالتخلص من هذا الإعفاء.