يعتبر المتحف الوطني باردو بالجزائر العاصمة من أكثر المتاحف استقبالا للسياح كيف لا و هو بمثابة رحلة مجانية عبر التاريخ و ما قبله فبمجرد زيارتك يا عزيزي القارئ لهذا الصرح التاريخي المميز والذي يعتبر جوهرة فنية معمارية نادرة بطرازها الأندلسي والعثماني بمساحة تناهز 1650 م مربع ستشعر و كأنك عبرت الزمن و سافرت إلى عصور وأزمنة غابرة تلمس فيها تاريخ الجزائر الغني الذي يعكس عراقتنا و تراثنا الأبي. و للإشارة فإن كلمة باردو تعود إلى الكلمة الإسبانية البارادو والتي تعني المكان المغطى بالورود و هذا ما سيصادفك بمجرد دخولك للمتحف حيث ستجد حديقة واسعة ببوابتها الكبيرة المشرعة على مصراعيها لاستقبال الزوار مزينة بالورود الفاتنة ذات الألوان الجميلة بالإضافة إلى الأشجار الساحرة. دون أن ننسى تلك الشجرة الشاهقة في إحدى زواياها القريبة من الوسط حيث توجد بقربها بركة ماء ونافورة رخامية مزخرفة تبعث في الروح البهجة و السرور.
وجهة سياحية
يعتبر متحف باردو أحد أهم المعالم الأثرية في العاصمة كونه مقصد عشاق التاريخ الجزائري و الملوعون به كما أنه عبارة عن مرجع تاريخي مهم لكل باحث و مستكشف و هذا من خلال مقتنياته التاريخية الغنية و المتنوعة. و في هذا السياق صرح محافظ مكتبة متحف باردو و رئيس قسم المنشورات و الأرشيف لنفس المتحف على هامش مشاركته في صالون السياحة الشبانية بقاعة الحرشة قائلا متحف الباردو يعتبر من أجمل قصور ديور الفحص و عندما نقول ديور الفحص يعني بني خارج مدينة القصبة. مضيفا أن هذا الصرح التاريخي تم بنائه في بداية القرن 18 من طرف التونسي الثري مصطفى بن عمار و بعدها تعاقبت عليه الكثير من الشخصيات من بينهم الآغا أحمد باي من بسكرة سنة 1875 و آخر مالك هذا القصر هو الفرنسي بييار جوري سنة 1879 الذي اشترى بدوره هذا القصر و قام بتعديلات عليه من بينها ترك النمط المغاربي الأندلسي . و فيما يخص دور المتحف هو اقتناء مجموعة من المقتنيات و التحف عن طريق البيع أو عن طريق الإهداء لعرضها و العريف من خلالها على أبرز المراحل الاريخية التي مرت على الجزائر مؤكدا أن عدد المقتنيات للمتحف تصل إلى أزيد من 500 ألف قطعة أثرية ما قبل التاريخ و الإنثوغرافي الخاصة بالسكان الأوائل للجزائر كما أن المتحف يحكي على آخر الاكتشافات لثاني أقدم موقع تواجد البشري في العالم و هو موقع عين بوشريط الذي يتواجد في ولاية سطيف و الذي يعود إلى مليونين و أربعمائة ألف سن حيث أكدنا لنا نفس المتحدث أن قسم الانثوغرافي يضم مجموعة معتبرة من التحف و المقتنيات على غرار الخشب و الحلي و الجلود بالإضافة على الإنارة و المصابيح التي كانت تستعمل بين القرن 19 و 20 أما فيما يخص تخصص ما قبل التاريخ أكد قهروز رشيد أن المتحف يحوي مجموعة كبيرة جدا من المقتنيات التي تعود للحقبة الفرنسية التي تحصلنا عليها من مختلف مناطق الوطن كطاسيلي ناجر و تبسة و الأطلس الصحراوي العاصمة و غيرها من ولاية الوطن.
أنشطة متنوعة
زيارة متحف باردو بالعاصمة تجربة فريدة من نوعها كما توفر عدة أنشطة ممتعة يمكنك القيام بها على غرار التجول بين زوايا المتحف واستكشاف المعروضات الأثرية الثمينة الموجودة بداخله و التي تعود لعصور مختلفة بالإضافة إلى التعرف و استكشاف قطع فنية مختلفة كالتحف و اللوحات الفنية دون أن ننسى فنون العمارة القديمة و الإسلامية. و الجدير بالذكر أن المتحف يعرض أيضا نمط الحياة اليومية للشعوب القديمة على شكل مجموعات متعددة من ضمنها نماذج للبيوت التقليدية المجوهرات الأواني المنزلية و الألبسة التقليدية بالإضافة إلى قطع الأثاث القديمة كما يقدم المتحف لزائريه معروضات أُخرى مثل المخطوطات التاريخية و المنحوتات و لهواة الأعمال اليدوية ستجدون في متحف باردو قسم مخصص للأشغال اليدوية التي خلفتها الحضارات السابقة كالنقوش والزخارف والأواني الفخارية والمشغولات المعدنية و السجاد القديم. و هناك فرصة للتعرف على جوانب مختلفة من تاريخ البلاد البحري وذلك من خلال ما يضمه المتحف من معروضات كالسفن التجارية و الخرائط البحرية كما يمكنك التعرف على تاريخ البلاد العسكري عن طريق المعروضات العسكرية التي تتوفر في المتحف على غرار الأسلحة الحربية كالدروع والأقواس والرماح و السيوف والخناجر. و في الأخير مكننا القول أم متحف باردو يبقى صرحا ماثلا أمام أعين الجميع ليشهدوا على نواح مختلفة من تاريخ هذا البلد ودوره في مسيرة الشعوب.