ثقافة

هبة شعبية مكملة لوحدة وطن…

الذكرى ال 63 لمظاهرات 27 فبراير 1962

تجمع شهادات عديد المجاهدين بمنطقة ورقلة ممن كانوا قد شاركوا في الثورة التحريرية المظفرة أو عايشوا مراحلها أن المظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها مدينة ورقلة في27 فبراير 1962 كانت بمثابة رسالة شعبية قوية وصريحة موجهة إلى الاستعمار الفرنسي و رافضة للمساس بوحدة التراب الوطني.

وأكد أحد صناع المظاهرات التاريخية المجاهد محمد مبروك سيد روحو أن تلك الهبة الشعبية الكبيرة التي لم يكن يتوقعها آنذاك الاحتلال الفرنسي والذي كان يعيش أوهام فصل الصحراء عن باقي أجزاء التراب الوطني كانت ردا حاسما وقويا على مناوراته و ادعاءاته التي أراد من خلالها تضليل الرأي العام العالمي بالقول أن سكان الصحراء يريدون البقاء تحت سلطة الاحتلال وأضاف المجاهد الذي استشهد أحد أقاربه وهو الحاج محمد سيد روحو إبان الثورة التحريرية المظفرة أنه ومن أجل تثبيت هذه المغالطة كشفت السلطات الاستعمارية أنها تعتزم إرسال في 27 فبراير 1962 وفد يقوده وزير الدولة الفرنسي لوي جوكس المكلف بالشؤون الجزائرية حينها إلى مدينة ورقلة من أجل إعداد تقرير مزيف تدعي فيه أن سكان مناطق الجنوب يؤيدون فكرة الفصل بين شمال وجنوب الوطن. وقد تفطنت حينها قيادة جبهة التحرير الوطني لهذه المؤامرة حيث وجهت بتاريخ 26 فبراير رسالة إلى مواطني ورقلة لحثهم على ضرورة القيام في نفس اليوم الذي يحل فيه الوفد الفرنسي بورقلة بمظاهرات شعبية عارمة لدحض تلك الإفتراءات وتبيان بطلانها.

 استشهاد عزل في رمضان

 لقد تزامنت تلك الأيام من شهر فبراير مع شهر رمضان المبارك وهو ما ساعد منظمي المظاهرات السهر ليلا يوم 26 من نفس الشهر من أجل وضع آخر اللمسات للخروج في اليوم الموالي من أجل المظاهرات و الذي تميزت بتدفق جموع غفيرة من المواطنين إلى ساحة سوق الحطب سوق الحجر حاليا وحاولت قوات الإحتلال حينها أن تخترق صفوف المتظاهرين لحثهم على عدم تنفيذ تعليمات المجاهدين الذين تصفهم بالخارجين عن القانون غير أنها لم تفلح في مسعاها بل كان الأمر عكس من ذلك حيث ازدادت احتجاجات المتظاهرين وبلغت أوجها مباشرة بعد ورود معلومات مؤكدة عن وصول الوفد الاستعماري إلى مطار ورقلة في حدود الساعة الواحدة زوالا من يوم 27 فبراير 1962 كما تابع المتحدث وكان المتظاهرون يرفعون الراية الوطنية و يرددون عديد الهتافات على غرار تحيا الجزائر ويسقط الاستعمار والصحراء جزائرية وجبهة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري وغيرها من الشعارات الأخرى التي اغتاظ لها جنود الاحتلال الذين لم يتوانوا في استعمال الغازات المسيلة للدموع واستخدام الرصاص الحي مما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين العزل وسقوط أول شهيد فيها وهو الشطي الوكال الذي كان حينها يرفع العلم الجزائري بالإضافة إلى نحو 25 جريحا أصيبوا بطلقات نارية سببت لبعضهم عاهات جسدية مستديمة ودفعت تلك المظاهرات الشعبية بوفد الاستعمار الفرنسي للعودة من حيث أتى بعدما تأكد من أكذوبة أن سكان الصحراء يؤيدون فكرة الإنفصال كما شجعت سكان عديد مناطق أخرى من جنوب شرق الوطن على الإنتفاضة في وجه الإستعمار الفرنسي والتعبير بقوة عن رفضهم لمؤامراته ومخططاته الدنيئة مظاهرات 27 فبراير 62 كانت شرارة لاندلاع انتفاضات أخرى بالجنوب ومن تداعيات مظاهرات 27 فبراير 1962 بورقلة أنها كانت شرارة لاندلاع مظاهرات شعبية أخرى شهدتها مدينتا توقرت في 7 مارس والمنقر في 13 مارس من نفس السنة لتكون بذلك تلك الحركات الإحتجاجية الشعبية المتتالية بمثابة آخر مسمار يدق في نعش الإستعمار وتجبره على الخضوع لإرادة الشعب الذي كان يريد الحرية والإستقلال الكامل للتراب الوطني.

 لاتنازل عن سيادة شعب

من جهته قال المجاهد إبراهيم بوخطة رئيس جمعية 27 فبراير 1962 أن هذه المظاهرات كانت واحدة من بين أهم المظاهرات الشعبية التي اندلعت ضد الوجود الإستعماري في الجزائر حيث ساهمت في التصدي لدسائسه وإفشال مخططه للمساس بالوحدة الوطنية لقد تم التحضير لهذه المظاهرات ولتخطيط لها بصفة جيدة تنفيذا للتعليمات الصادرة عن قيادة جبهة التحرير الوطني مما أربك السلطات الإستعمارية وفوت عليها فرصة إحباط تنظيمها في المهد, كما ذكر المجاهد بوخطة أن هذا الحدث الشعبي التاريخي أعطى دفعا معنويا قويا للوفد الجزائري المشارك في مفاوضات إيفيان وجعل الإستعمار يرضخ لإرادة الشعب الجزائري بخصوص استرجاع سيادته كاملة غير منقوصة كما كانت لها أيضا أصداء على الصعيد الدولي والإقليمي سيما على مستوى المنطقة العربية حيث تناولتها حينها عديد وسائل الإعلام العربية التي كانت تتابع الثورة التحريرية المجيدة كما جرى توضيحه. وأكدت هذه الشهادة للمجاهد إبراهيم بوخطة أن هذه المظاهرات فاجأت الإستعمار الفرنسي وأفقدته توازنه وجعلته يلجأ إلى أساليب الترهيب عبر المناشير وغيرها في محاولة يائسة منه لإسكات أصوات الجزائريين المنادية بالإستقلال والتحرر من الهيمنة الإستعمارية. وخلص إلى القول أن المظاهرات الشعبية المناهضة للاستعمار البغيض تشكل رمزا للتآزر ودعما للوحدة الوطنية وتشكل واحدة من أبرز الأحداث التاريخية التي شهدتها ثورة 1 نوفمبر 1954 المباركة التي نحتفل بسبعينية اندلاعها

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق
إغلاق