كان فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد تحت راية الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان بداية التوسع الإسلامي نحو الغرب وأوروبا قاوم القوط الفتح في البداية إلى أن سقطت مملكة القوط الغربيين وصارت بذلك ولاية الأندلس الأموية. حدث هذا في الفترة من 711 ميلادية إلى 718.
الفتح الإسلامي لإسبانيا شأنه شأن كثير من الأحداث التاريخية كان مادة ثرية لكثير من الرسامين والأدباء والشعراء ليبدعوا فيها فبعد هزيمة ملك القوط الغربيين رودريغو في معركة غواداليت وادي لكة الحاسمة انهال كثير من الرسّامين منذ ذلك الحين حتى القرن الـ20 يتخيلون الحدث ويصوّرونه في لوحات تُجسّد كلا من المكاسب التي فاز بها والخسائر التي تكبّدها كلا الفريقين المسلمون والقوطيون. ويمكن تتبع بداية الوجود الإسلامي ونهايته في الأندلس بتسلسل تاريخي عبر لوحات رسّامين عدة، منهم الرسّام الإسباني برناردو بلانكو إي بيريز 1828-1876 الذي قدم واحدة من أشهر اللوحات التي تصوّر جيش القوط الغربيين وهو منقسم ومتناحر قبل خوض معركة وادي لكة التي أنهت الوجود القوطي الغربي في تلك المنطقة وأُعلنت من بعدها “ولاية الأندلس يُبرز العمل اللحظة التاريخية التي ذهب فيها الملك رودريغو إلى المعركة وهو يرتدي تاجه المرصّع بالجواهر ويجلس على عرشه الموضوع على عربة تجرّها خيول بيضاء. ويظهر العرش نفسه في اللوحة مغطى بفرو نمر ترك رأسه يتدلى على جانب الكرسي والملك يشير إلى الجنود للتقدم نحو جيش طارق بن زياد، في حين سيلقى حتفه بعد قليل ويتفتت وتتفرق جنوده ويُشير المؤرخ الإسباني غارسيا مورينو في كتابه علم الآثار والتاريخ بين عالمين إلى تلك الحادثة على أنها غطرسة أدت إلى خسائر فادحة في المعركة ضد المسلمين.
مزروعات ومحاصيل لم تكن موجودة
ازدهرت الزراعة والبستنة في الأندلس وأدخل المسلمون مزروعات ومحاصيل لم تكن موجودة قبل الفتح مثل التين فقد نمت أفضل أنواعه في ملقة وصُدّرت إلى الهند والصين. كذلك انتشرت زراعة البرتقال واللوز وغيرها من الأطعمة الفاخرة حتى غزت موائد أوروبا وتظهر إحدى المنمنمات المرسومة عام 1200 في الأندلس لرسام غير معروف الثورة الزراعية التي حدثت على يد المسلمين في الأندلس على حد تعبير ابن بصال وهو عالم نبات وأحد أشهر علماء الفلاحة في القرن الـ12 القرن الخامس الهجري وذلك أدى إلى تطور الطب والتداوي فقد كان لكثير من الأعشاب والنباتات دور في أدوية العصر الحديث وأكد الأمر نفسه ابن وافد في كتابه الأدوية المفردة وسارت دراسة الرياضيات وعلم الفلك جنبًا إلى جانب مع تطور الزراعة فقد وصل كتاب الخوارزمي الشهير بعنوان حساب التكامل والمعادلة إلى الأندلس في وقت مبكر وأصبح أساس التطور الرياضي في وقت لاحق. كذلك عاش الأدباء والشعراء عصرهم الذهبي في تلك الحقبة حيث كان العلم والإبداع محل تقدير الولاة والأمراء ونرى في المنمنمات والرسوم التوضيحية التي قدمها الرسّام والخطاط العراقي يحيى بن محمود الواسطي من القرن الـ13 في أواخر العصر العباسي تصويرا بديعا لطبيعة الحياة في الأندلس والواسطي مؤسس مدرسة بغداد للمنمنمات وكان مثقفا واسع الاطلاع وترجم كثيرا من الصور الذهنية إلى واقع. ويظهر في رسمته التي زين بها كتاب مقامات الحريري علماء في مكتبة عباسية؛ يتدارسون العلم ومن خلفهم مكتبة متعددة الأرفف محملة بعشرات الكتب المرتبة كل حسب الموضوع ويقول المؤرخ بول لوند في كتابه الإسلام إن منطقة قرطبة احتوت وحدها على ما يقارب 500 ألف كتاب ويمكن أن يُعزى الفارق الثقافي بين الشرق والغرب في العصور الوسطى جزئيا إلى حقيقة أن العرب كان لديهم ورق مستورد من الصين أما الغرب اللاتيني فلم يمتلك إلا أقل القليل منه.
السقوط المروّع
قدم الرسّام الإسباني فرانسيسكو براديا الذي عاش من 1848 إلى 1921 في لوحته تسليم غرناطة المرسومة عام 1882 أحد أشهر المشاهد المؤلمة التي تصوّر سقوط الأندلس حيث يُسّلم آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله محمد الـ12 آخر معاقل المسلمين في الأندلس إلى الملك الكاثوليكي فرديناند الثاني في ثوبه الأراغوني لتسقط بذلك الأندلس وتقوم على أنقاضها الإمبراطورية الإسبانية وتُزين اللوحة اليوم مجلس الشيوخ الإسباني لأنها تمثيل للوحدة الإسبانية ونقطة انطلاق للأعمال العظيمة التي قام بها أجدادنا على حد تعبير الماركيز مانويل غارسيا برزانالانا رئيس المجلس آنذاك اللوحة مرسومة على المذهب الواقعي وتتمتع بحرفية عالية متمثلة في دقة الشخوص والخيول والبشر. واستطاع براديا نقل روح النصر التي يشعر بها فرديناند الثاني وهو على فرسه المُزين وإلى جانبه زوجته في أبهى حلة وعلى رأسها تاج الملك يقف الفريقان متقابلين وتشير الألوان المبهرجة في القسم الكاثوليكي إلى نشوة النصر في حين استخدم براديا ألوانا قاتمة في الجانب الذي يقف فيه المسلمون.
الفردوس المفقود
تشير المؤرخة ماريا روزا مينوكال في كتابها زينة العالم إلى أن الوجود الإسلامي في الأندلس كان وجودًا يملؤه التسامح والسلام. وقد عاش المسلمون والمسيحيون واليهود تحت الحكم الإسلامي للأندلس في عدل وأمان وذلك ما أدى إلى ازدهار المنطقة التي ما كانت لتحقق كل تلك الثروات لو كانت تعاني من فساد السلطة أو الصراعات الدينية لم تتألق قرطبة فحسب بل الأندلس بأكملها حتى إن الثروة الفكرية الهائلة للأندلس التي لا تنفصل عن ازدهارها في العالم المادي هي التي جعلت منها زينة العالم في النهاية ويظهر الحنين إلى الفردوس المفقود في أعمال فنية وأدبية عدة، منها لوحة ذكريات غرناطة للرسّام الإسباني أنطونيو مونوز ديغرين 1840-1924 المرسومة عام 1881 على المذهب الواقعي على الرغم من أن الرسّام كان ينعى بها ماضي غرناطة المجيد في مشهد معاصر له. يصوّر ديجرين تساقط الأمطار الغزيرة على غرناطة ويعدّ اختيار هذه المدينة موضوعا للوحة مسألة ذات خصوصية فنية فقد كان ديغرين منجذبًا إلى ماضي غرناطة التاريخي وإمكانية عودة الولاية الإسلامية الأسطورية التي اختُطفت وفقًا للرسّام موضوع اللوحة الذي يتناول الطقس يعطي إحساسًا بالرومانسية والحزن على ماضي غرناطة وقد حقق ديجرين مستوى عاليا جدًّا من الغنائية والكآبة في اللوحة كما في سائر أعماله.