تحتضن جدران رواق قسوم معرضا جميلا لنساء في لوحات الفنان عبد الحليم سلامي التي تلفت انتباه الزائر في معرض الفنان فجميع أعماله تقريبا مليئة بالنساء اللاتي يعبرن عن حياتهن اليومية وهمومهن وضيقهن وأفراحهن وآمالهن. يحفل المعرض بأكثر من ثلاثين عملا يحتفي بالمرأة وتراثها الثقافي. إرث تثقل ركيزته الأساسية الثقافة والهوية والتراث لهذه المنطقة الجنوبية. نتساءل عن هؤلاء النسوة اللاتي غالبا ما تكون عيونهن مغمضة وأحيانا مفتوحة ووجوههن الحزينة التي تشير إلى حضورهن القوي. يبدو أنهن يقلن أنا هنا وأنا باقية . تشير الفنانة إلى أن هذه اللوحات صنعت خلال جائحة كوفيد-19 لذا فإن هؤلاء النساء محصورات في المنزل . هذا الوضع يسمح لهن بالبقاء معا في أمان. يجدن أنفسهن منعزلات في منازلهن ويتحمسن لذلك. تنجذب العين إلى مجموعة كاملة من اللوحات الملونة كبيرة الحجم. وفرة من الألوان التي يغلب عليها اللونان الأزرق والمغري حيث يشير اللون الأزرق إلى السماء التي تحمل الأفق والمغري إلى موطن الصحراء ولا سيما منطقة وادي ريغ ووادي سوف وتقرت وورقلة وبسكرة. و تعكس جميع اللوحات ألوان الرمال الزرقاء والمغرية. يبدو أن عبد الحليم يكنّ تقديراً خاصاً لمسقط رأسه تقرت وكذلك للتراث المادي للبلاد ولا سيما مجموعة المباني الخاصة بجنوب البلاد. هذه الخصوصية التي يكرسها الفنان في عمله كحارس للثقافة والهوية الجزائرية المحلية. وبدون الانزلاق إلى الشوفينية يشير سلامي إلى أن هذا النوع من المساكن هو جزء من التراث الوطني. وبالفعل تعكس العديد من لوحاته هذا التعلق بالتراث مثل هذه اللوحة التي هي نوع من خليط من الهوية يتداخل فيها التطريز والفسيفساء وخزف الأوشام والعلامات والأرابيسك بألوان متناسقة من الأخضر والأزرق والمغري والبيج والأسود. وعلى أي حال فإن هذا الفنان الذي لا يحب أن ينحصر في حركة فنية واحدة يجمع في أعماله بين الفن التشكيلي والتكعيبية والخط العربي والفن التجريدي الذي يعد رائعا. إنها لوحة عالية الجودة تجمع بين عناصر الهوية والثقافة. وبعناوين واضحة مثل زوجان في الشرفة و تيراس وبورت كوتوتيه و عطور الواحة و سينتور دي ريل بارفوم و ابتهاج يسمي الفنان مدينته من خلال هذا المعرض. و يطمح سلامي إلى إعطائها مكانة عالية. وإدراكا منه لهذا الثراء فإنه يعبّر عنه من خلال الألوان الأصيلة. وتضفي حيوية وكثافة وصلابة هذه الألوان قدراً كبيراً من الجاذبية على هذه التراكيب. تضيء هذه الألوان العمل وتضيف قيمة فنية. عبد الحليم سلامي حاصل على دبلوم من المدرسة العليا للفنون الجميلة ودرجة الماجستير في علوم الفن. وقد سار سلامي على خطى رفاقه من الفنانين التشكيليين الجزائريين لا سيما محمد خدة وشكري مسلي ومحمد إسياخم ودينيس مارتينيز وغيرهم وقد انغمس سلامي في اللوحة الجزائرية لهذه الأسماء الكبيرة. هذا المعرض يستمر إلى غاية 30 جانفي يستحق الزيارة.