ثقافة

فرندة.. مدينة التاريخ

بآثار و تراث نادر

يتواجد بها من الآثار التاريخية النادرة ما يجعلها في صدارة المناطـق الأثرية على المستوى الوطني والعالمي ولها من التراث الحضاري ما يؤهلها لاحتلال المكانة العالية بين المدن هي مدينة فرندة مدينة التراث والحضارة ومنشأ الاجتماعيات التي فيها من المعالم التاريخية ما هو مدرج على أنه تراث عالمي مثل الجدار ومغارات ابن خلدون من قبل منظمة اليونسكو.

وإضافة إلى هذين المعلمين هناك آثار أخرى لها قيمتها التاريخية ومنها تاومغزوت جبـل بوغشوة لجدار وعيـن الدرهم عين سبيبة عين شبير وعين مخـرف ووادي برقوق الأمر الذي يؤهل المنطقة أن تكون قطبا سياحيا ومقصدا للسواح من الداخل والخارج.تشكل مغارة ابن خلدون وأهرامات لجدار التي تبرز كآثار جنائزية أحد أهم المعالم الأثرية التي تميز إقليم فرندة بتيارت فبين شواهد تاريخية أسست لعلم الاجتماع وأخرى ساهمت في بناء حضارة الإنسان تصنف كمركز لتلاقي الحضارات وإقليم يختزل الفكر البشري وفلسفة التاريخ وإذا كان الحديث عن السياحة الثقافية بمفهومها العام فإن المشروع الحضاري ينطلق من فرندة بتيارت.

أصل التسمية

تعددت الآراء وتضاربت حول أصل تسمية فرندة بهذا الاسم فمن الباحثين من يرى أنهـا أخذت تسميتها من الكلمة الأمازيغية فرنذا المركبة من الفعل الماضي فرن المسند إلى ضمير الغائبين الذي يعني تخبؤوا و ذا التي تعني هنا وبمرور الوقت أبدلت الذال بدال تخفيفا للنطق وتيسيرا له.ويذهب آخرون إلى القول أن كلمة فرندة مشتقة من إفري التي يراد بها في الأمازيغية المغارة وقد تكون سميت بهذا الاسم نسبة إلى بني يفرن. وعكس الرأيين السابقين فهناك من الباحثين والمؤرخين من يرجع تسميتها إلى أصل عربي وفي مقدمة هؤلاء الشيخ العلامة والفقيه الجليل عبد الرحمن الجيلالي الذي افتتح الملتقى الدولي الأول للفكر الخلدوني المنعقد فـي سبتمبر 1986 بقرية تاومغزوت بأولى المحاضرات حول مدينة فرندة ورد فيها أنها سميت بهذا الاسم إما نسبة إلى الكلمة العربية الفرند جمع فراند التي تعني الورد الأحمر الذي يزهر به شجر الرمان أو إلى الإفرند جمـع افرندات وهو السيف أو جوهر السيف ووشيه وهو ما يرى فيه شبه مدب النمل أو شبـه الغبار يقال سيف فرند أي لا مثيل له.

مغارة ابن خلدون

في ربوة تطل على سهل لتات تقع مغارة ابن خلدون بفرندة التابعة إقليميا لولاية تيارت مغارة تضم عدة غرف صغيرة أسست لعلم الاجتماع من خلال كتاب المقدمة ذي الطابع الموسوعي الذي شمل كافة جوانب الحياة واعترف الأجانب بفضله ومساهماته الكبيرة من بينهم المؤرخ البريطاني أرنولد تونبي الذي ثمن مجهوده الفكري بالقول إنه قدم للفكر البشري فلسفة للتاريخ. فعندما شرع عبد الرحمن بن خلدون في تأليف المقدمة كان مطاردا من ملوك تلمسان ما دفعه للجوء إلى المغارة التي تبعد 350 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية للحفاظ على حياته.وكما صمدت نظرياته عدة قرون بقيت المغارة التي احتضنت الأب الروحي لعلم الاجتماع صامدة في جنبات قلعة بني سلامة التي تنتصب في مكان مرتفع يسمى اليوم تاومغزوت . يوجد على باب المغارة شخص يحرس المكان من عبث الغرباء ما ساعد في محافظة المغارة على وهجها رغم عدم وجود شواهد وآثار لكن السكان المحليين بفرندة وما جاورها يعرفون كلهم أن المغارة هي بيت عالم الاجتماع ابن خلدون. ويحكي سكان فرندة بتيارت بافتخار عن إقامة ابن خلدون بينهم مدة 4 سنوات كاملة 1375-1379  قضاها في كتابة الجزء الأول من المقدمة وكتاب العبر .وخلال تلك المدة حظي ابن خلدون بحفاوة بالغة من سكان قلعة بني سلامة الذين منحوه قصرا لكنه آثر الخروج إلى المغارة التي حملت اسمه فيما بعد بحثا عن الإلهام والسكينة. ويعرف القليلون أن ابن خلدون استقر في قلعة بني سلامة هربا من ملوك تلمسان الذين أرسلوه في مهمة نحو بسكرة والحقيقة أنهم أرادوا به كيدا وهو ما جعله يتوقف في تيارت وتحديدا في بني سلامة التي لقي فيها الحماية والضيافة. وكانت المغارة مكان خلوته المفضل على مدى أربع سنوات هربا من عيون ملوك تلمسان بحسب ما كشف عنه الدكتور عمار محمودي أستاذ الأنثروبولوجيا واللسانيات بجامعة تيارت. والظاهر أن نفسية ابن خلدون المضطربة هي التي أثرت فيه وساهمت في ميلاد كتاب المقدمة الذي يحكي في بعضه عن علاقة الحاكم بالمحكوم بحسب المتحدث. هذا ويأتي الطلبة من جامعات أوروبية يدرسون علم الاجتماع الخلدوني وكذلك يقصدها باحثون من سوريا ولبنان فضلا عن طلبة المدارس الجزائرية.

 مدافن لجدار

تحصي منطقة فرندة بتيارت 13 هرما تعرف بمدافن لجدار تم تشييدها في المرتفعات بهندسة تشبه إلى حد ما أهرامات مصر من بين الأضرحة التي لا تزال محافظة نسبيا على شكلها متحدية الزمن ضريح الكسكاس الذي تشبه الهندسة المعمارية له أهرامات مصر الفرعونية وهي مدافن خصصت لشخصيات بارزة كملوك المور أو الأمازيغ الخارجين عن سلطة الرومان وفق مصادر تاريخية حيث تقدر هذه الأخيرة تاريخ بناء المدافن في القرن الرابع ميلادي. ويضم مدفن الكسكاس عشرات الغرف الصغيرة التي لا يتعدى حجمها المترين .وتشير الدراسة إلى أن ضريح الكسكاس يعلو جبل الأخضر ويشرف بذلك على سهل السرسو ووادي مينا وروافده كما يتميز مثل بقية المدافن الأخرى برسومات للصليب الإغريقي إلى جانب حروف ورموز إغريقية ونصوص منقوشة وصور لحيوانات.ودعا الباحثان في مجال التاريخ إلى الحفاظ على هذه المعالم الفريدة عن طريق عمليات الترميم والعمل على نظافة المكان و إقامة مصادر للطاقة بدل الاعتماد على الشموع مع تدعيم الأسوار المائلة وملء الفراغات و الشقوق وغيرها من التوصيات التي خرج بها الباحثان من خلال هذه الدراسة الميدانية المعمقة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق
إغلاق