قبل عشر سنوات في 5 أفريل 2015 رحل سيد علي كويريت أحد أبرز أيقونات السينما والمسرح الجزائري. كان حضوره فريدا وابتسامته تتحدى المحن كما قدم أدوارا خالدة وتميز بالتزامه الفني والوطني. ترك الفنان الراحل بصمة عميقة في الذاكرة الثقافية للبلاد وما زال إرثه الفني مصدر إعجاب يتردد صداها في الضمير الجمعي حتى اليوم.
بدأت قصة سيد علي كويريت في شوارع الجزائر العاصمة بين أعمال متواضعة وأحلام تتسع للعالم. اللقاء المصادف مع مصطفى كاتب في مقهى وهو في السابعة عشرة من عمره غير مسار حياته. بعد انضمامه لفرقة مسرحية هاوية سرعان ما صنع سمعة كممثل موهوب وشغوف. قاده حبه للفن إلى السفر عبر ألمانيا وفرنسا ورومانيا حيث شارك في مهرجانات دولية متنوعة. عام 1954 انضم لفرقة بلدية الجزائر تحت إدارة محمد البشطرزي قبل أن يضطر للنفي بسبب مراقبة الاستعمار له. واصل نضاله من أجل الاستقلال عبر مقاهي جبهة التحرير الوطني في فرنسا حيث تعرف على شخصيات مثل محمد بضية ونور الدين بوهيري. عام 1958 انضم للفرقة الفنية التابعة للجبهة لنشر القضية الجزائرية عالميا. بعد الاستقلال انضم كويريت للمسرح الوطني الجزائري وشارك في فيلم أولاد القصبة لعبد الحليم ريس. لكن نقطة التحول في مسيرته السينمائية كانت عام 1968 مع فيلم حسان طيرو لمحمد الأخضر حمينة حيث شكل ثنائيا أسطوريا مع الراحل رويشد. توالت أدواره الخالدة خاصة شخصية علي في فيلم الأفيون والعصا لأحمد راشدي المجاهد الذي يعدم أمام عائلته وقريته. وفي فيلمي وقائع سنين الجمر الحائز على السعفة الذهبية في كان 1975 وديسمبر 1971 أذهل الجمهور بحضوره الدرامي الفريد وكرزمته الطبيعية.
يبقى ذاكرة حية
في ثمانينيات القرن الماضي برع في أدوار كوميدية شعبية مثل حسان طاكسي وحسان نية. بعد ترك المسرح الوطني واصل العطاء المسرحي عبر أعمال مثل الحراس مع رويشد. دائم البحث عن التحديات تعاون مع مخرجين شباب مثل كمال دهان “المشتبه فيهم” وعكاشة طويطة “الموتوريون”. آخر ظهور له كان في فيلم اللوب وشركاه المقتبس من رواية ياسمينة خضرا بإخراج بشير درايس. كما عمل منتجا لفيلم ميستا لكمال لعيش مؤكدا حتى النهاية عشقه للسابع. وصف بأنه آخر نجوم السينما الجزائرية العظام و إنسان استثنائي و صاحب كاريزما لا تضاهى لا يزال سيد علي كويريت مصدر إلهام للأجيال. موهبته الفذة وإخلاصه وقدرته على تجسيد الأدوار بأبعاد إنسانية عميقة أكسبوه مكانة فريدة في تاريخ الجزائر الثقافي. بعد عقد من رحيله تبقى ذكراه حية وأفلامه تشاهد بدموع حارة وابتسامته وصوته يترددان في القلوب شاهدان على أن الفنانين العظماء لا يرحلون أبدا.